لا شك أنه من أكثر القضايا التى تثار بين المسيحية والاسلام هى قضية تحريف الكتاب المقدس , حيث يؤمن المسيحيون بكل طوائفهم أن كتابهم المقدس صحيحاً تماماً ولم يصبه أى تحريف ولم تمتد يد له أية أيدى للعبث به , ولهم فى ذلك ادلتهم وبراهينهم ..
بينما على النقيض تماماً المسلمون حيث يؤمنون
بأن الكتاب المقدس الذى بين ايدينا اليوم ليس الكتاب الصحيح الذى أوحى به من الله
, وأنه محرف وفى ذلك يتهمون كلاً من اليهود والمسيحيون بهذا التحريف . لكن السؤال
الأن : هل حرف كل من
اليهود والمسيحيون كتابهم المقدس ؟ , هذا ما سنناقشه فى هذا الموضوع .
أولاً : هل من الممكن أن يحرف اليهود
كتابهم المقدس :
·
لو فكر اليهود فى تحريف الكتاب المقدس "
العهد القديم " لكن الأجدر بهم أن يحذفوا الصفحات التى تتحدث عن كذب أبيهم
ابراهيم , وخطيئة داود ملكهم ( بالزنى والقتل ) كذلك انهيار وانحراف سليمان حكيمهم
.
·
لو فكر اليهود فى التحريف لحذفوا من الكتاب
المقدس " العهد القديم " الويلات التى يتوعدهم بها الله كشعب متمرد كما
فى ( لا 26 : 27 , أش 1 : 2 , أش 6 : 9 ) , وهكذا .
·
رغم أن اليهود ينكرون مجئ السيد المسيح وصلبه
وموته وقيامته الا أننا نجد هذه النبوات والحوادث فى كتابهم الى الآن وكان الأجدر
أن .. ينكرونها لعدواتهم الشديدة للسيد المسيح حتى صلبوه ولكنهم لم يقدروا أن
يحذفوا حرفاً واحداً منها .
·
كتب العهد القديم بواسطة 40 كاتب مختلفون
تماماً فى صفاتهم فمنهم الفلاسفة مثل موسى النبى .. ومنهم الراعى البسيط جانى
الجميز مثل عاموس .. ومنهم أشعياء رجل القصور .. ودانيال رئيس الوزراء .. وسليمان
الملك وصاحب الحكمة .. , كما اختلف الكتاب عن بعضهم فى ظروف تسجيل الوحى الالهى ..
فموسى سجل أسفاره فى البرية , أما أرمياء فسجلها فى ظلمة الجب , وداود كتب مزاميره
عند سفوح الجبال وهو يرعى خرافه كما أنه سجل بعض مزاميره والحرب قائمة . . بينما
كان العكس تماماً عندما كتب سليمان , والبعض الآخر كتب فى شدة الحزن والألام ورغم
كل ذلك نجد الكتاب المقدس " العهد القديم " يمتاز بوحدة بوحدة ترابطية
عجيبة لا تناقض فيها ولا خلل وقد اتفقوا معاً فى موضوع نبوتهم وهى مجئ المسيح
وصلبه وقيامته .
·
هل يعقل أن اليهود الذين وضعوا القوانين
الحازمة على كتبة الناموس ( نساخ الوحى ) يقومون بنحريف الكتاب المقدس , ان نظرة
سريعة لبعض هذه القوانين ترد على كل من يدعى بتحريفهم هذا بالرد القاطع .
لقد جاء فى هذه القوانين ما يلى بالحرف الواحد موجهة الحديث للنساخ :
·
قبل أن تكتب كلمة وأحدة من كتاب الله عليك
أن تغسل جسدك وتلبس الثياب العبرانية وتجهز نفسك بالأفكار الخشوعية.
·
الرقوق التى تكتب عليها لابد أن تكون من
جلود الحيوانات الطاهرة شرعاً .
·
الحبر الذى تكتب به يجب أن يكون أسوداً
نقياً مجهزاً من خليط الكتن ( الهباب ) والكربون ( تراب الفحم البلدى ) والعسل .
·
مع انك تحفظ كتاب الوحى عن ظهر قلب لا
تكتب كلمة واحدة من ذاكرتك ... ارفع عينيك الى نسختك والفظ الكلمة بصوت عالى قبل
أن تخطها .
·
قبل أن تكتب لقباً من الألقاب التى يلقب
بها الله عليك أن تغسل قلمك , وقبل أن تكتب اسم الاله الأعظم يجب عليك أن تغسل
جسدك كله .
·
بعد الانتهاء من نسخ نسختك ومراجعتها اذا
وجدت بها ثلاث غلطات فيجب عليك أن تعدم تلك النسخة .
·
بالاضافة الى ما سبق فقد فرض على كل ناسخ
كاتب من كتبة الشريعة أن يعد حروف كتابه , وفرض عليه أن يعرف كم حرفاً من كل نوع
سيكتب فى الصفحة الوأحدة قبل أن يبتدئ فيها بالكتابة , وفرض عليه أن تكون سطور كل
صفحة من الرقوق مساوية للاخرى وأن يكون كل سطر ثلاثين حرفاً , كذلك منع الكاتب
بالتحدث أثناء الكتاب , كما أنهم أوصوا كل من لا يقوى على
اليقيام بكل هذه الواجبات أن يخرج من بين صفوف نساخ الوحى الالهى .. فهل بعد كل هذا يتجاسر أحد أن يقول أن اليهود
قد حرفوا كتابهم المقدس ؟!! .
ان
الله الذى أعطى الكتاب المقدس تعهد بحمايته كما جاء فى ( أش 40 : 8 ) " كلمة
الهنا فتثبت الى الأبد " , وكما أوصى الله شعبه فى القديم قائلاً " كل
الكلام الذى اوصيكم به احرصوا لتعلموه , لا تزيد عليه ولا تنقص منه " ( تث 22
: 18 – 20 ) .
وأخيـــــــــــــراً كيف
يمكن لليهود أن يحرفوا العهد القديم وهو موجود بأعداد ضخمة بين أيدى المسيحيين
الذين يعادونهم ؟!!
لذلك فالقول بأن
اليهود قد حرفوا كتابهم هو قول غير مقبول لا يرتضيه العقل .
نكتفى بهذا
القدر من هذا الموضوع ونستكمل فى الموضوع القادم الذى سيكون بعنوان " المسيحيون وتحريف الكتاب المقدس " .. والرب يبارك حياتكم .
روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق | |
URL | |
HTML | |
BBCode |