أولاً معنى كلمة انجيل :
-
كلمة انجيل كلمة " يونانية " وحسب المعنى العام فهى تعنى
الخبر السار .
-
وكانت كرازة السيد المسيح هى " الانجيل " نفسه , بمعنى البشارة بالملكوت الذى سيصنعه هو بصليبه ( لو 4 : 43 ) , وعلى هذا المستوى يكون الانجيل " هو البشارة المفرحة بالمسيح ذاته " .
-
فالانجيل اذاً لم يكن كتاباً منزلاً .. بل شخصاً منزلاً هو الرب يسوع المسيح ذاته .
ثانياً
مفهوم الوحى والاملاء :
هناك فرق بين الوحى
والاملاء :
-
الوحى هو أن يرسل الله الفكرة ويصبغ العقل بما يريد , ولكنه يترك النبى أو
الكاتب يصبغ الفكرة بأسلوبه الخاص مثلما قال داود النبى ( قد أفهمنى الرب كل ذلك بالكتابة بيديه على
( 1 أخ 28 : 19 ) , وهذا معناه أن الله أعطى مفهوماً
داخلياً واضحاً يصفه داود النبى بانه " كتب بيديه عليه " لكن داود النبى هو الذى صاغ تلك المفاهيم المكتوبة بداخله فى صورة
كلمات استطاع بها أن يصف ما بداخله .
-
أما الاملاء فهو أن يقول الله كلمات بعينها يتقلها النبى أو الكاتب كما هى
وبنفس الصيغة التى سمعها بها .
-
والكتاب المقدس يشمل الصورتين : الوحى والاملاء .
-
وقد أراد الله أن يشترك الانسان فى صياغة الكتاب المقدس لأنه :
اولاً : كتاب للبشر فترك الله الصياغة للبشر , وذلك لأن الحكم على الصياغات
مختلفة فمثلاً هناك من يحب الشعر ومن لا يحبه , فاذا أنزل الله كلمات بعينها فقد
لا تتوافق مع ميول البشر لذلك أراد الله أن يشترك الانسان فى صياغة الكتاب المقدس
.
ثانياً : لأن هذه هى حكمة الله الدائمة أن نشترك فى العمل معه , فنحن نشترك
معه فى خلقه بالتناسل ونشترك معه فى عمل الخلاص بالجهاد بارادتنا وباختيارنا .
ثالثاً : حتى ما يرفع الانسان بهذه الشركة فى كلماته الى مستوى تدبير
الخلاص .
اذاً الله يهتم بالمعنى
ويوحى به للكاتب ويترك له الصياغة , أو يهتم بالمعنى ويضمن هوأيضاً بارشاد عصمته
للكاتب له من الانحراف عن المعنى الموحى به " فقضية اللفظ والحرف فى الكتاب المقدس ضيقة
جداً " ولكن المعنى هو الأهم فمثلاً ما قاله أشعياء النبى :
( ما أجمل على الجبال
قدمى المبشر بالسلام , المبشر بالخير , المخبر بالخلاص , القائل لصهيون قد ملك
الهك ) ( أش 52 : 7 ) . ما هو المهم فى تلك الاية
؟! .. أليست البشارة
بالخير وبملكوت الله ؟! .. فالله يرسل المعنى أنه
سيأتى ليملك ويخلص ويترك النبى يصوغ النبوة فى صيغتها الادبية الرائعة التى
رأيناها فيها , فما يريده الله كمعنى قد وصل للبشر بصياغة الكاتب نفسه أو بصياغة
اخرى .. ألمهم أن يصل المعنى للانسان , فالكلمات وألالفاظ طرق تعبيرية للمعانى . وأعظم دليل على الوحى فى الكتاب
المقدس ... هو أن الكتاب المقدس قد كتبه أربعون شخصاً مختلفون فى الثقافات والبيئات والمواهب , كما أنهم عاشوا فى أماكن وازمنة مختلفة ومع ذلك نرى فى النهاية نغمة
وأحدة وايقاع واحد وروح واحدة يحكم كل الكتاب وهو الاتجاه للخلاص ومعرفة البشر
جميعاً لله , فعلى مدار ستة عشر قرناً كتب فيها الكتاب المقدس نجد أن قضية الخلاص
الموجودة فى سفرى التكوين والخروج هى ما يحققه السيد المسيح فى الاناجيل الاربعة ,
وما يتكلم عنه بولس الرسول فى رسائله , وما ينكشف لنا فى سفر الرؤيا .
ثالثاً مفهوم العصمة :
-
بعد أن عرفنا مفهوم الاناجيل ومفهوم الوحى , هل يمكن أن يكون مفهوم العصمة هو " العصمة " من ألاخطاء النحوية والاملائية عند
الكتاب والنساخ ؟! وتكون أيضاً هناك عصمة للمطبعة ؟!
-
بالطبع لا لأن هذه الاخطاء تتلاشى عند الترجمة .. لنتخيل معاً أن مبشراً
جاء كى يبشر احدى البلاد بالانجيل فلم يقتنعوا به ولم يصدقوه لأنه حينما كلمهم عن
المسيح وقع فى أخطاء نحوية ! هل هذا ممكن ؟!!
-
لكن أنظر معى هذا المفهوم الذى علمه السيد المسيح : ( لا يمكن أن ينقض المكتوب ) ( يو 10 : 35
) , وهذا معناه :
1- ان كل كلمة
فى الكتاب المقدس صادقة .
2- انه لا يوجد
فى الكتاب المقدس مفهوماً يناقض أو يلغى مفهوماً اخر , فألايات كلها تكمل بعضها
البعض .
3- ان كل كلمة
فى الكتاب المقدس لها قوة وسلطان حكم الله .
-
فالعصمة هنا تعنى عصمة المعنى وعدم تناقضه مع معنى اخر , وأن الله يسكن فى
كل معنى وموجود فى كل فكرة , فالذى وعد به الله فى العهد القديم يصنعه ويحققه فى
العهد الجديد , ولهذا فاننا نجد الاناجيل وحدة واحدة .. فأذا طلبنا من أربعين مؤلف
أن يؤلفوا قصة واحدة متكاملة على أن يؤلف كل منهم فصلاً منها سنرى فى النهاية تناقضاً وضعفاً وضياعاً لمعانى كانت موجودة فى
فصول لم يؤكد عليها المؤلفين الاخرين .
-
لكن الكتاب المقدس بوحدته القوية
التى تجمع بين أسفاره ونبواته المتناسقة يؤكد لنا أن المؤلف ليس انساناً لكنه الله .
-
وانما كتب بيد انسان , فان كان هناك اناس كتبوه لكنهم لم يؤلفوه فالله هو
الذى أعد ودبر وصنع هذه القصة .
روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق | |
URL | |
HTML | |
BBCode |