الأحد، 3 أبريل 2016

أنبياء الكتاب المقدس



ظهر الأنبياء المدونة نبواتهم فى العهد القديم فى أزمنة عصيبة مرت فيها الأمة . فقد كانوا هم رجال الله فى زمانهم وتناولت رسالاتهم على وجه الاجمال أزمنة وأمكنة محددة . الا أن رسالاتهم تظل نافعة ونافذة لأن مثل تلك الاوضاع عادت فسادت مرة بعد مرة فى التاريخ . 



الأنبياء الأولون : برز الأنبياء كجماعة أول مرة فى أيام صموئيل الذى يوصف غالباً " آخر القضاة وأول الأنبياء " . آنذاك شكل الفلسطينيون خطراً عظيماً على بنى اسرائيل . فهؤلاء الأنبياء الأولون بغيرتهم لاله اسرائيل , غذوا تصميم الشعب على أن يكن حراً ومستقلاً . ولما التقاهم شاول الشاب أسره شعورهم بقوة الله القهارة , فانضم اليهم وتنبأ معهم اذ سيطرت عليه قوة الله .
ولا يبدو أن صموئيل نفسه انخطف فى نشوات جماعة الانبياء  تلك . فقد أدى دوراً هاماً كقاض للشعب . كذلك وبخهم على عبادة آلهة غريبة وصلى الى الله لأجلهم طلباً للمغفرة ( وذلك كله من النواحى المهمة أيضاً فى حياة الأنبياء المتأخرين ) . وواضح أن صموئيل كان حاصلاً أيضاً على مواهب غير معتادة . فلما كان شاول يبحث عن اتن ابيه الضائعة استطاع صموئيل أن يخبره بأنها وجدت وينبئه أيضاً بما سيجرى  له فى الطريق . لكن مثل هذه المسائل هى أمور يسيرة نسبياً . فقد خلد صموئيل بحقيقة كونه , ككثيرين غيره من الانبياء , قد أعلن اختيار الله لملك معين . وهو مسح شاول وداود من بعده , ملكين اختارهم الله .
وبينما داود ما يزال ملكاً , انهمك النبى ناثان كذلك أيضاً بقضية تعيين الملوك . ولكن لم تبرز خدمة النبوة الى المقدمة قبل منتصف القرن التاسع ق م على يدى ايليا وأليشع .
وقد كانت أزمنة وقعت فى المملكة الشمالية هى ما دفع عمل هذين النبيين الى الواجهة . فقد استوردت ايزابل زوجة الملك أخاب عبادة الآلهة الغريبة , مستقدمة من صور مسقط رأسها 850 من أنبياء بعل وآشيراه , وهما اله والهة كنعانيان . اذ ذاك تيقن ايليا أن عليه أن يتحى هذه الديانة الباطلة ويصون الايمان الحقيقى .
وهكذا دعى ايليا الأنبياء الكنعانيين الى مواجهة فوق جبل الكرمل حيث أثبت الله بانزال نار أنه الاله الحق -  " الرب هو الله , الرب هو الله ! " وقد تابع اليشع رسالة ايليا , وقام بمعجزات شفاء , كما أنه دبر مسح ياهو ملكاً على الممكلة الشمالية . وجميع اليشع عدد من التلاميذ ( " بنى الأنبياء " ) حفظوا ذكرى أعماله .
1صموئيل 7 : 3 -  17 ,  9و 10 , 2صموئيل 7 , 1ملوك 1 : 11 -  40 ,  17 -  19 ,  2ملوك 1 – 9
الأنبياء المتأخرون : لم يدون أى واحد من الأنبياء الأقدمين سفراً يجمع نبواته , وان كنا نعرف القليل مما قالوه وفعلوه . ولكن فى الفترة " الكلاسيكية " للنبوة , أى من القرن الثامن الى القرن الخامس ق م , دونت مجموعة كبيرة من  رسالات الأنبياء  ضمت لأحقاً الى أسفار العهد القديم الذى لدينا الأن , أشعياء , أرميا , حزقيال , كتاب الأثنى عشر نبياً ( الأنبياء " الصغار " من هوشع الى ملاخى ) , فضلاً عن سفر دانيال .
والأزمنة الكامنة وراء هذه الفترة الجديدة للنبوة كانت الحال السياسية المتغيرة التى أدت أولاً الى سبى المملكة الشمالية ( الأسباط العشرة ) بعد سقوط عاصمتها السامرة فى 721 ق م , ثم الى سبى يهوذا ( المملكة الجنوبية ) , بعد خراب أورشليم فى 586 ق م .
تركز رسال هؤلاء الأنبياء على السبى . فمنهم من تنبأ بحصوله . ومنهم من تأمل فى مدلوله . وقد شجع قسم من الأنبياء المتأخرين الذين ظهروا لاحقاً الأمة على اعادة بناء ذاتها والنهوض من سقوطها .
قبل السبى : أنذر الأنبياء بقرب وقوع الكارثة . وقد فعل هذ عاموس وهوشع فى المملكة الشمالية خلال القرن الثامن , وارمياء فى المملكة الجنوبية فى أواخر القرن السابع . ودعا الأنبياء الشعب الى التوبة . فلم يكن بعد قد فات الوقت كى يغير الله فكره . الا أن الأنبياء اضطروا الى الاقناع بأن الشعب لم يكونوا ينون التوبة . قد منحوا فرصاً عديدة لكنهم رفضوا انتهازها . اذ ذاك تحدث عاموس ممثلاً جميع الأنبياء :  هذه هى رسالة الله -  استعدوا لمواجهة دينونتى .
ترى ماذا فعل بنو اسرائيل حتى أغضبوا الله هكذا ؟ لقد تولى سائر الأنبياء فضح خطايا الشعب المتنوعة . فندد عاموس بالظلم الاجتماعى , وهوشع بعدم أمانة الشعب نحو الله , وميخا بخطايا الحكام , وارميا بالآلهة الزائفة وفساد بنى يهوذا المستشرى . ازاء هذه الخطايا كان لابد أن يعاقب الله الشعب , وان آلمه ذلك فى التصميم .
عاموس 9 : 1 -  4 , هوشع 11 : 5 – 7 , ارمياء 25 : 8 – 11 , عاموس 5 : 14 و 15 .
خلال وبعد السبى : ما أن أصبح بنو اسرائيل ويهوذا فى السبى حتى بدأ بعضهم على الأقل , يدركون أنهم استحقوا هذا العقاب . ومنذئذ وصاعداً اتيح للأنبياء أن يحركوا الرجاء . فتنبأ حزقيال بيوم فيه تبدأ  الأمة من جديد اذ ينفخ فيها روح الله حياة جديدة بعد أن تكون عديمة الحياة ككومة من العظام اليابسة . وتطلع أيضاً بناء الهيكل من جديد والعودة الى الاستقرار فى الأرض  . كذلك أتت النبوات الواردة فى اشعياء 40 -  55 برسالة رجاء ويقين الى الشعب . فقد كان الله على وشك أن يرد المسبيين من بابل الى أورشليم .
وبعد رجوع طلائع المسبيين , وجمود بهجة البدء بترميم الهيكل , دعت الضرورة الى قيام جيل جديد من الأنبياء لمواجهة أزمة اليأس وخيبة الأمل . ولو لم يشجع حجى وزكريا الشعب على العمل فى الهيكل , لما كان انجز قط . ولو استعادة عبادة الله على النحو المطلوب لكانت العودة من السبى فشلاً ذريعاً .
حزقيال 37 , 40 -  48 , اشعياء 40 : 1 , 9 و 10 .
دور الانبياء :  خير فهم لدور الأنبياء  يقوم فى اعتبارهم مرسلين من لدن الله . فغالباً ما تبدأ رسالاتهم بالعبارة " هكذا قال الرب " أو " كان كلام  الرب قائلاً " وما شابه . بهذه الطريقة كانت تبدأ الرسائل الشفهية التى ينقلها رسول ما . وقد دعا الله الأنبياء لسماع خططه ورسالاته . ومن ثم أرسلهم لتبليغ بنى اسرائيل وسائر الأمم تلك الرسالات . وكان الأنبياء أحياناً يرون رؤى او يعظون مواعظ , أو يستخدمون الشعر أو التمثيل فى تكليمهم للشعب . وقلما أخبروا عن الطريقة التى يتلقون بها  رسالاتهم . الا أنهم كانوا متيقنين أن ما قالوه كان صادراً من لدن الله .
وكان الأنبياء فى الغالب ضد تيار الرأى العام . ففيما بدا أن كل شئ بخير , كانوا ينددون بشرور مجتمعهم وينبئون بمصيره  السئ . هذا الموضوع من مدونة ايماننا الاقدس, وحينما أبدى شعبهم التشاؤم , كانوا يتنبأون بالرجاء . وقد أتوا بها الكلام المنطوى على تحد وازعاج , من لدن الله , لأن دعوة الله تغلغلت فى أعماق حياتهم , وأحدثت فيهم تغييراً عجيباً .
كذلك كان الأنبياء أيضاً معلمين يدعون الشعب الى اع شعائر الله . لم يكونوا يبشرون بدين جديد , بل كانوا يطبقون كلمة الله على زمانهم .
يدين العهد القديم بالكثير للأنبياء . فقد كتب الأنبياء , أو الرجال  الذين تعلموا من تعليم الأنبياء أموراً كثيرة , لا أسفار الأنبياء وحدها بل عدة أسفار تاريخية , ولا سيما تلك الممتدة من يشوع الى الملوك الثانى . انهم كتبوا التاريخ من وجهة نظر الله .
أرمياء 23 : 18-  21 و22 ,  عاموس 7  : 1-  2 ,  زكريا 1 : 7 -  21 ,  ارمياء 7 , 18 , 19 , اشعياء 1 , حزقيال 5 : 17 , 1ملوك 18 : 19 , عاموس 7 : 14 -  16 ,  اشعياء 7 , ارمياء 1 .
الأنبياء الكذبة : شهد تاريخ الشعب القديم على مداه أنبياء كذبة زعموا أن رسالاتهم جاءتهم من الله , وهى فى الواقع ليست من لدنه . فربما استهل نبى كلامه بالقول "  هكذا قال الرب  ... " ولكن هذا لا يضمن كونه ينقل فعلاً كلام الله . وقد كان الأمر فى بعض الأحيان يحتاج الى بصيرة روحية لمعرفة ما جاء من عند الله فعلاً . والناموس فى سفر التثنية نبه الى هذه المشكلة وقدم قاعدتين نافعتين بشأنها . فان تنبأ النبى بشئ ولم يحدث , فهو نبى كاذب . أو أضلت رسالته الشعب عن الله وعن شريعته , كانت رسالة باطلة .
1ملوك 22 , ارمياء 28 , ميخا 3 : 5 -  7 ,  ارمياء 23 : 13 -  32 ,  تثنية 13 ,  18 : 21 و 22 .
رسالة الأنبياء : رأى أرمياء أن السبى نقض عهد الله مع الشعب : " قد بيت اسرائيل وبيت يهوذا عهدى الذى قطعته مع  آبائهم . " , ولكن الأنبياء أكدوا أن الله لن يتخلى عن شعبه مع أنهم لم يعد لهم حق فى شئ من عندهم . ولهذا استطاع الأنبياء الذين رسموا صور مروعة للمستقبل أن ينظروا الى ما وراء المأساة فيجدوا رجاءً . ففى عاموس وعد باعادة بيت داود الى الملك , وفى هوشع بشفاء الله لارتداد الشعب , وفى ارمياء بتجديد الله للعهد .
وهكذا نظرت رسالة الأنبياء الى الماضى , داعية الشعب الى الطاعة كما فى القديم , والى الحاضر , معالجة أزمة الأيمان التى تورطوا فيها , والى المستقبل , اعتقاداً منهم بأن الله ارتبط بشعبه . هذا الارتباط قد يستدعى معاقبة الشعب الى حين , لكن الأمر سينتهى باعادة البناء . وأحياناً دعى الوقت الذى يعاد بناء الشعب بعد هدمه " يوم الرب "  والرجاء بمجئ مسيح يرد الشعب هو رجاء له جذوره فى العهد القديم , لكنه قوى وصار مهماً فقط فى القرون الأخيرة قبل المسيح . وقد رأى الأنبياء أن الله سيتدخل لانقاذ الشعب ورده .
ارمياء 11 : 10 ,  عاموس 9 : 11 و 12 , هوشع 14 : 14 ,  ارمياء 31 : 31 -  34 ,  عاموس 9 : 9 , زكريا 13 : 8 و 9 , اشعياء 2 : 12 -  17 , صفنيا .
النبوة فى العهد الجديد :  بانسكاب الروح القدس على جميع المؤمنين , صار فى وسعهم جميعاً , رجالاً ونساءً  أن يعلنوا رسالة الله . ولكن هناك  " نبوة " خاصة مذكورة فى العهد الجديد . وهذه من المواهب التى اعطيت لبعض الأفراد فى الكنيسة لأجل البنيان . وهى لا تعنى بكشف المستقبل بل باعلان فكر الله من خلال كلمته .
أما نبوات سفر الرؤيا , مثل بعض ما جاء فى سفر دانيال , فهى تنتمى الى النبوات المتعلقة بالآخرة . وتحتوى على نوع خاص من الرموز والصور البيانية التى لا تفهم الا بتطبيقها اولاً على ما كان شائعاً فى زمن كتابتها .
أعمال 2 : 17 , 1كورنثوس 11 : 5 , 14 : 24 و29 , 1كورنثوس 12 : 10 , 29 .
انتهى بنعمة الله ...

روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق