الجمعة، 1 أبريل 2016

الأعياد والمحافل المقدسة اليهودية



درج بنو اسرائيل , منذ أوائل تاريخهم , على حفظ السبت ومعظم الأعياد الكبرى فى الديانة اليهودية . الا أن أثنين من الأعياد الموصوفة فى ما يلى بدئ تعييدهما فى زمن متأخر كثيراً – وهما الفوريم ( زمن الامبراطورية الفارسية , القرن الخامس ق م ) والتطهير أو الأنوار ( من زمن المكابيين القرن الثانى ق م ) . 


ارتبطت الأعياد الدينية الرئيسية عند العبرانيين بالمواسم والتقويم الزراعى فى كنعان . فكانت الأعياد تقام فى الربيع وأوائل الصيف وفى الخريف . وكان متوقعاً من الرجال أن يذهبوا الى الهيكل المحلى ويقدموا قرابينهم لله . وبعد القرن السابع قبل الميلاد أصبحت أعياد " الحج " هذه تقام فى أورشليم فقط  . و فى زمن المسيح  كان عدد سكان المدينة العادى والبالغ 000, 40 نسمة تقريباً , أو نحوها يتضاعف حتى يصير 000, 150 تقريباً , لكثرة الحجاج الذين يؤمونها  لتعييد الفصح . وكانت الأعياد مواسم شكر لله على الغلال , ومناسبات لتذكار الأحداث الكبرى فى تاريخ الشعب , وفرصاً للابتهاج والتعييد .
الفصح والفطير : كان الفصح واحداً من أهم الأعياد السنوية . والعبرانيون يحتفلون به عشية الرابع عشر من نيسان . تلك الليل تذبح كل عائلة حملاً , تذكاراً لأول ذبيحة من هذا النوع تمت قبيل انقاذ الرب لبنى اسرائيل , من أرض مصر وفى تلك الليلة  " عبر " الله عن بيوت العبرانيين التى رش الدم على عتباتها العليا وقوائمها , فأبقى على حياة أبكارهم . ( معنى " فصح " بالعبرية " عبور " ) .
وفى عشاء الفصح , كما فى كل أيام الأسبوع التالى , لم يكن يؤكل الا الخبز الفطير ( المخبوز من عجين لم تدخله خميرة ) . وهذا أيضاً مذكر بالاستعدادات العاجلة العاجلة التى قام بها  العبرانيون لما سمح لهم الفرعون آخر الأمر بمغادرة مصر . كما أن فيه أيضاً تذكاراً لأول عجنة خبزت من القمح الجديد فى اليوم الرابع لدخول بنى اسرائيل أرض كنعان .
كان الأحتفال بالفصح فى بادئ الأمر يتم فى البيوت , الا  أنه أصبح فى زمن العهد الجديد أهم عيد " حج " يحتفل به فى أورشليم . ]  ويفيدنا العهد الحديد أن السيد المسيح حمل , الله الذى يرفع خطية العالم , هو فصحنا الذى ذبح لأجلنا . ولذلك ندعى الى حياة الفرح الدائم على أساس قبولنا , بتوبة صادقة وايمان قلبى , عمل المسيح الكامل على الصليب  -  1كورنثوس 5 : 7 -  8 [ .
خروج 12 , يشوع 15 : 10 -  12 , مرقس 14 : 1 -  2
البكورة أو   أول  الحصيد : كان هذا العيد يقام فى آخر يوم من أيام عيد  الفطير  . وفيه يؤتى بأول حزمة تحصد من الشعير وتقدم للرب . أما عيد الحصاد الكبير ( أو الأسابيع ) فكان يتم فيما بعد ( لاويين 23 : 9 -  14 ) .
الأسابيع ( يوم الخمسين فيما بعد ) : عند انتهاء حصاد الحنطة يقدم الكاهن رغفى خبز صنعا من الدقيق الجديد , فضلاً عن ذبائح حيوانية . ويجرى ذلك بعد مضى خمسين يوماً ( أو سبعة أسابيع ويوم واحد ) على انتهاء عيد الفصح وابتداء الحصاد . وصار هذا العيد معروفاً فيما بعد بيوم الخمسين  . وهو يوم فرح عظيم وشكر لله على عطاياه فى الحصاد . ] وقد نزل الروح القدس على نواة الكنيسة يوم الخمسين , كما نقرأ فى أعمال الرسل 2  [ .
خروج 32: 16 , لاويين 32: 15 -  21 ,  تثنية 16 : 9 -  12
هتاف الأبواق ( رأس السنة فيما بعد ) : كانت الأبواق تنفخ فى أول كل شهر , كما فى كل عيد أيضاً . ولكن فى أول يوم من الشهر السابع كان ينفخ فى الابواق باحتفال خاص , فاليوم مخصص للراحة والعبادة , وهو أهم حتى من السبت , نظراً الى التقدمات المقربة . وفى ذلك ايذان بأن الشهر السابع هو أكثر أشهر السنة حرمةً . وقد عومل هذا العيد بعد السبى باعتباره عيداً دينياً هو رأس السنة ( روش هشنة ) , الا أن الأشهر كانت تعد بدءاً بنيسان العبرى ( آذار -  نيسان / مارس -  ابريل ) .
عدد 10 : 10 , 28 : 9 , 29 : 1 و 2
يوم الكفارة : فى هذا اليوم ( يوم كيبور ) تعترف الأمة كلها بخطيتها وتلتمس غفران الله والتطهير . يلبس رئيس الكهنة كتاناً أبيض , ويقدم أولاً ذبيحة عن خطيته وخطية الكهنة , ثم ذبيحة اخرى عن خطية الشعب . وفى هذا اليوم فقط يسمح للكاهن الأعظم بأن يدخل الى " قدس الأقداس " , وهو الغرفة الداخلية من خيمة الأجتماع والهيكل والتى تعتبر الأقدس فيه . وهناك كان رئيس الكهنة يرش دم الذبيحة . وبعد ذلك يأخذ تيس معزى , يدعى تيس " عزازيل " أو الأطلاق , ثم يطلقه الى الصحراء بعد وضع يده على رأسه , علامةً على أن خطايا الشعب قد كفر عنها . [ وتذكر الرسالة الى العبرانيين أن المسيح قد دخل بدم نفسه الى الأقداس السماوية مرة واحدة فوجد  للمؤمنين به فداءً ابدياً -  عبرانيين 9 : 12 [ .
الجمع / المظال / الخيام : كان هذا العيد أكثر الأعياد شعبية وبهجة . ويحتفل به فى الخريف بعد جنى الغلال وجمعها . ويتضمن الأحتفال به التخييم فى البساتين والحقول وعلى السطوح فى خيام أو مظال من أغصان الشجر . هذه الخيام أو المظال تذكر بالزمن الذى فيه أقام بنو اسرائيل فى الخيام أثناء تيهانهم فى الصحراء .
وقد اشتمل هذا العيد على احتفال يسكب فيه الماء وترفع الصلوات طلباً للمطر لأجل الموسم المقبل . وفى هذا العيد , وربما فى أعقاب هذا الطقس بالذات , وقف المسيح ونادى قائلاً " ان عطش أحد فليقبل الى ويشرب . من آمن بى كما قال الكتاب -  تجرى من بطنه أنهار ماء حى . "
خروج 34: 22 , قضاة 21: 19 -  21 , نجميا 8 : 14 – 16 , لاويين 23: 39 -  43 , يوحنا 7 : 37 و 38
التطهير أو  الأنوار : هذا العيد يخلد ذكر تطهير الهيكل الثانى وتدشينه على يد يهوذا المكابى فى 165 ق م , بعدما دنسه الوالى الرومانى على سورية أنطيوخس الرابع ابيفانس . وقد دعى أيضاً " الأنوار " اذ كانت المصابيح كل مساء توضع فى البيوت  و المجامع . هذا العيد المدعو فى يوحنا 10 : 22 " عيد التجديد " , يحتفل به اليوم باسم " هانوكاه " .
الفوريم : احتفال مثير وصاخب يرقى عهده الى الزمن الذى فيه نجا اليهود , على يد أستير وابن عمها مردخاى  , من مذبحة دبرت ضدهم فى أثناء حكم الملك الفارسى أحشويروش ( زركسيس ) . والكلمة " فوريم " بالعبرانية جمع للكلمة " فور " ومعناها " قرعة " , وهى اشارة الى القرعة التى القاها هامان , كبير وزراء الملك , ليقرر فى أى يوم تتم المذبحة . استير  3 , 7, 9 : 24 , 26 .
السبت : هو العيد الأكثر خصوصية عند اليهود . فقد كانت لبعض الأمم الاخرى أعياد حصاد وطقوس تتعلق باستهلال الأشهر . الا أن بنى اسرائيل وحدهم كان لديهم السبت الذى يكسر رتوب المواسم . فكل سابع يوم كان مخصصاً للتعطيل والراحة . انه يوم الراحة المكرس لله ( والكلمة " سبت " معناها " راحة " ) . ونمط العمل ستة أيام يعقبها يوم راحة يعود حقاً الى الخلق , اذ استراح الله فى اليوم السابع . وكان على بنى اسرائيل يوم السبت أن يتذكروا ما فعله الله لأجلهم , ولا سيما انقاذهم من العبودية فى مصر .
وقد قال الرب بفم اشعياء النبى : " ان رددت عن السبت رجلك , عن عمل مسرتك يوم قدسى , ودعوت السبت لذةً ومقدس الرب مكرماً وأكرمته عن عمل طرقك وعن ايجاد مسرتك والتكلم بكلامك , فانك حينئذ تتلذذ بالرب ."
وفى زمن العهد الجديد كان حفظ السبت كان قد أصبح معقداً جداً اذ أثقلته القوانين والنظم بحيث رأى المسيح من اللازم أن يذكر الشعب بأن السبت جعل لخير الانسان وليس الانسان صنع لأجل السبت . انت تقرأ هذا الموضوع من مدونة ايماننا الأقدس
[ وبعد قيام المسيح من الأموات ,خصص المسيحيون اليوم الأول من الأسبوع , أى الأحد , للعبادة . ودعاه الرسل " يوم الرب " . ولم يوص المجمع الأول المذكور فى أعمال الرسل 15 بحفظ السبت . فالمسيحى ليس ملزماً أن يحفظ السبت , ولا سيما لأنه دخل الراحة الحقيقة فى المسيح [ .
تكوين 2: 2 و3 , الخروج 20 : 8 – 11  , 31 : 12 -  17 , تثنية 5 : 12 -  14 ,  اشعياء 56 , 58 : 13 -  14 ,  متى 12 : 1 – 14 , مرقس 2 : 23 -  28 .
الهلال : كان ظهور الهلال ايذاناً ببدء شهر جديد . اذ ذاك ينفخ فى الأبواق وتقدم ذبائح خاصة . وفى استهلال الشهر ما يذكر بأن الله خلق كوناً نظيماً . ولم يكن الشعب يقومون يوم الهلال بأى عمل بل يعتكفون للتعليم الدينى واقامة ولائم خاصة .
تكوين 1: 16 , عدد 10 : 10 , 28 : 11 -  15 , مزمور 104 : 19 ,  1صموئيل 20 : 5 , 24 , 2مل 4 : 23 .
السنة السبتية : كما أن كل يوم سابع عد يوم راحة , فكل سنة سابعة ( " سبتية " ) فيها  " يكون للأرض سبت عطلة سبتاً للرب . " ومن البديهى أن الأرض كلها لايمكن أن تراح فى سنة واحدة بعينها. فربما كان كل حقل يراح كل سنة سابعة بعد زرعه أول مرة . وأى شئ ينمو فى هذه السنة يمكن أن يجنيه الفقراء مجاناً . وهذا الترتيب مذكر للشعب القديم بأن الأرض لم تكن لهم . فهى كانت " مقدسة " ( أى ملكاً لله ) . كذك أيضاً فى كل سن سابعة كان جميع العبيد العبرانيين يطلقون أحراراً وجميع الديون تلغى .
لاويين 25 : 1 -  7 , خروج 23 : 10 -  11 ,  21 : 2 -  6 , تثنية 15 : 1 – 6
سنة اليوبيل : حددت الشريعة أنه فى كل سنة تكون الخمسين -  أى السنة التى تعقب سبع سنوات سبتية -  ترد الأراضى والعقارات الى أصحابها الأصليين ( ما عدا بيوت المدن ) , ويطلق العبيد العبرانيون أحراراً , وتلغى الديون , وتراح الأرض . وربما تبرهن أن شريعة اليوبيل هذه أصعب من أن تطبق , ولذا صارت محط الأنظار كزمن لا يستطيع تحقيقه الا الله . وقد كانت هى " السنة " التى وعد بها اشعياء وأعلن عنها المسيح .
لاويين 25 : 8 -  17 و 23 -  55 , اشعياء 61 : 1 -  2 , لوقا 16 : 21 .
الى هنا ينتهى الموضوع ... على أمل أن يكون بنعمة الله بحثنا  القادم  يتناول الموضوعات الاتية: ( الكفارة , الكهنة اللاويون , الذبائح ) .


روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق