افتتح
الوحى الالهى سفر التكوين بالافصاح عن علة الوجود وموجبه بقوله " فى البدء خلق الله
السموات والارض وكانت الارض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة " ( تك 1 : 1 ) .
ثم عرض تباعاً لمراحل التكوين التى عبر عنها بالايام الستة ( 1 ) , مبتداً بالنور الكونى الذى وصفه
العلماء بالسديم . ثم عمل الله سماء الجلد ( الغلاف الجوى ) . وأمر المياه أن تجتمع فى
مكان واحد فنشأت البحار والمحيطات . وظهرت اليابسة التى سوف تستقبل على متنها آدم
وذريته .
وقال الله " لتنبت الارض عشباً
وبقلاً يبزره بذراً كجنسه , وشجراً ذا ثمراً " ( تك 1 : 11 ) . الأمر الذى فسره العلماء بأن الارض كانت كتلة ملتهبة انفصلت عن
السديم , وبدأت تبرد رويداً رويداً , ومن ثم سمحت برودة قشرتها لنمو العشب أولاً لأن جذوره ليست عميقة . ثم البقل
وأخيراً الشجر لأن جذوره أكثر عمقاً . ثم خلق الله الشمس والقمر والنجوم . وبعد أن اوجد
الرب المناخ الملائم للكائنات الحية أوجد الحيوانات الزاحفات والطيور التنانين
والأسماك .
قصة الخليقة فى آثار أمم الشرق الشرق القديم :
وقد عثر العلماء على هياكل عظيمة
لديناصورات تسبق ظهور الانسان , وهو ما يوافق ترتيب الوحى لظهور
الكائنات . وقد وردت قصة الخليقة فى أثار أمم الشرق القديم , فقد عثر "
لايرد " فى أطلال مدينة نينوى على ألواح ( 2) تقول أحداها : لما القطر الاعلى لم يدع بعد سماء , والقطر
الاسفل لم يتسم بعد أرضاً … والمياه اجتمعت الى مكان واحد … لم يكن ناس بعد ولا حيوانات جالت " ( 3 ) . هذا الموضوع من مدونة ايماننا الاقدس
" When in the height heaven was not named –
And the earth beneath did not yet
bear a name , And the primeval
Apsu , who begat them And
chaos , …… their waters were mingled together , And not field was formed , no
marsh was to be seen ….. " ( 4 )
وتصدق القصيدة القديمة فى وصفها لحالة التشويش التى كانت عليها الارض عند التكوين بما لا يختلف كثيراً عما جاء فى سفر التكوين من أنها كانت خربة وخالية ( تك 1: 2 ) وذلك وفقاً لما ورثته البشرية , الخلف عن السلف , وهو الأمر الذى يفترض انهم تناقلوه من نوح وابنائه . وهم بدورهم نقلوه عن
اسلافهم من قبل الطوفان . وأولئك اخذوا القصة عن آدم الذى أخبر بنيه بروح الوحى عن
خليقة الله . ولكن بمرور الوقت وبانحراف البشر عن طريق الحق , شوهت الحقائق وتسللت اليها
ضلالات كثيرة . ومن خلال حالة الضلال التى قادهم الشيطان اليها , فقد وصلتنا القصة
البابلية مشوهة ومزدحمة بالخرافات , بينما فى سفر التكوين جاءت خالية من ذلك
ومعبرة عن قدرة الله وعظمته فى خليقته ومرضية لضمير الانسان وملائمة لعقله .
وتتحدث الاسطورة البابلية عن خلق السماء
والارض فتقول " فى البدء كان
الماء العذب والماء العكر ( الحمأة ) مختلطين معاً فى المحيط الازلى . ثم قام
مردوك ( معبود البابليين الشهير ) بتنظيم هذا التشويش , عندما فصل بين الاثنين ,
مما أوجد قطراً اعلى وقطراً أسفل . والقطر الاعلى كون السماء , والقطر الاسفل شمل
الارض والبحار والجبل المقدس . وفى أسفل الارض تكون الجحيم . والبحر هو الحد
الفاصل ... وعلى هذه الارض خلق مردوك البشر لخدمة الآلهة ... ( 5 ) .
وعلى الرغم من اتفاقها فى الشكل
العام الا انها لا تخلو من الخرافات فهى تنسب ذلك الى
" مردوك " احد ارباب البابليين , وتتحدث عن جحيم مادى يوجد فى أسفل الارض , وتصف حالة التشويش بالمحيط الازلى . وكل هذه
الاعتقادات تخالف العقل والنقل معاً .
وعند قدماء المصريين كان الاعتقاد السائد ايضاً فى مسألة الخلق انه قبل كل شئ كان المحيط الازلى ومنه خرج اتوم من تلقاء ذاته , ثم قام هو بعمل كل شىئ بعد ذلك . يقول أتوم رب الارباب عندهم
" كنت بمفردى فى المحيط الازلى , جامداً
وبدون حراك ولم اجد مكاناً اقيم فيه .... فالكثيرون هم من خلقوا وانبثقوا من فمى
فى الوقت الذى لم يكن هناك وجود للسماء ولا وجود للارض . ولم تكن التربة الصلبة قد
خلقت بعد , ولا الثعابين القائمة فى المكان , فخلقت البعض منها فى المحيط الاولى
فى حالة جمود حينما كنت لا اجد مكاناً
اقيم فيه " ( 6 ) .
ومن ذلك نرى أن الفكر المصرى
القديم - الملئ بالخرافات - كان يفترض وجود
المادة الاولى . انهم لم يعتقدوا فى العدم بل كانوا يرون ان الكائنات بل وحتى الالهة
خرجت جميعاً من المادة الاولى التى أسموها المحيط الازلى أو الاولى . وهو ذات
الاعتقاد الذى كان سائداً عند البابليين وهو ما يشير الى انه خرج من أصل واحد وهو
أن الارض كانت مغمورة بالمياه كما قال الوحى " وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه
المياه " وقطعاً كان امر الخليقة معروفاً من قبل كتابة التوراه . وقد تناقله البشر شفاهاً بالتسليم من جيل الى جيل حتى
انتهى به الامر الى ان يصبح محض اساطير فجاء الوحى الالهى ليصحح ليس السلوك فقط بل والاعتقاد
ايضاً .
وفى الفكر اليونانى القديم اعتقد اصحاب المذهب
الأورفى ايضاً
فى حالة التشويش التى سبقت ظهور الكائنات الحية فهم يقولون " فى البدء كان الخواء والليل اللذان انتجا بيضة
خرج منها اروح ( الحب ) المجنح " ( 7 ) .
ووسط هذه الاساطير تظهر رواية الوحى عن الخلق واضحة
ونقية من الخرافات والاوهام التى تملأ
الاساطير , مشيرةً الى المصدر الاوحد للخلق وهو الله
تعالت قدرته "
فى البدء خلق الله السموات والارض " ثم يخبرنا الوحى بمراحل التكوين التى جاءت ملائمة لعقل الانسان على مر
العصور وموافقة لمعطيات العلم الحديث .
( 1 ) يراد بالايام الستة حقبة زمنية وليست أيام معدودات . وقد ذكرت للفصل
بين المراحل المختلفة التى مرت بها الخليقة . والله قادر أن يخلق الكون بما فيه
ومن فيه دفعة واحدة فى زمن سابق أو لاحق لما خلقه فيه . ولكن لحكم لا نعلمها اوجد
الموجودات فى اوقات بعينها قد قدر لها دون غيرها . ولا يسأل لماذا أو كيف . ومثاله
كذلك انه لم يظهر فى دنيانا متجسداً فور سقوط ادم وزجته فى المعصية بل انه ارجأ
امر الفداء الاف السنين .
(2 ) محفوظة الان بمتحف لندن , وقد تم الكشف عنها نتيجة لاعمال الحفر التى
قام بها كل من لايرد ورسام وجورج سميث ( 1845- 1847- 1849 ) على الضفة الغربية
لنهر الدجلة قبالة مدينة الموصل الحالية . وهذه الالواح عثر علي بعضها فى اطلال
قصر الاشوريين والبعض الاخر كان محفوظاً فى مكتبة معبد الاله نيبو . كما اسفرت
اعمال الحفر عن تحديد موقع المدينة القديمة التى تبلغ مساحتها نحو سبعة اميال ونصف
الميل .
( 3 ) الاسقف ايسيذورس - المطالب النظرية فى المواضيع الالهية صــ 474
& ل . دى لابورانت - بلاد ما بين النهرين صــ 166 - ترجمة محرم كمال & ول
ديورانت - - قصة الحضارة المجلد الاول صـــ 217 : 218 .
( 4 ) THE
SEVEN TABLETS OF CERATION – LEONARD WILLIAM KING – LONDON
1902 & BRITISH
MUSEUM – THE BABYLONIANA
LEGENDS OF THE
CREATION – TABLET I .
( 5 ) Jacques vicari . La tour de babel .
( 6 ) ديمترى ميكس و وكريستين
فافار ميكس - الحياة اليومية للالهة الفرعونية , صــ 31 , 29 - ترجمة فاطمة عبد
الله محمود - القاهرة 2000 .
( 7 ) د . عزت قرنى – الفلسفة اليونانية صــ 31 .
روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق | |
URL | |
HTML | |
BBCode |
Sports Betting - Mapyro
ردحذفBet https://octcasino.com/ the moneyline from 1:25 PM 출장샵 to 11:00 PM. See https://septcasino.com/review/merit-casino/ more. MapYO Sportsbook sol.edu.kg features live odds, live 토토 streaming, and detailed information.