الاثنين، 29 ديسمبر 2014

الادلة الدامغة على ضلال مدرسة الالحاديين ج2

ناقشنا في الجزء الأول من موضوع الادلة الدامغة على ضلال مدرسة الالحاديين الدليل الاول من هذه الادلة , والان ننتقل بالحديث عن ثاننى هذه الادلة ولن نطيل الحديث حيث نبدأ بنعمة المسيح .
 


ب- تكوين الإنسان يشهد بوجود الله:

الإنسان هو عالم صغير، وأجهزة الجسم تشهد بقوة على وجود خالق قدير قوي حكيم عظيم، ولذلك فإن علم التشريح يعطي فرصة للإنسان للتلامس مع مقدرة الله وحكمته وقال أحد الفلاسفة "كلما تقدم علم التشريح إزداد الإنسان إيمانًا بالله"(13). وأفقر إنسان في الوجود يمتلك نحو 45 مليونًا من الدولارات الأمريكية، هي قيمة أعضاء جسده التي وهبها الله له. بل إن إبهام اليد يشهد بوجود الخالق وعظمته، فبصمة الإنسان التي تختلف عن بصمات الملايين من البشر تحدثنا عن قدرة الله الغير محدودة.

ويقول نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي "لو أنه (الإنسان) تأمل ذاته، ونظر إلى أي عضو من أعضاء جسده، ونظر إلى تركيبه وعمله ووظيفته لهاله الأمر، وأدركه الذهول من روعة التركيب وحكمته. أنظر إلى عين الإنسان وتركيبها من مقلة تحميها، ومن قزحية وقرنية وعدسة وشبكية وعصب بصري.. إلى غير ذلك من أجزاء وجزيئات وما بها من أهداب وشعيرات وشرايين وأوردة فضلًا عن العضلات والأنسجة والغدد.. ولكل جزء منها وظيفة وعمل واختصاص، وتتعاون كلها ويكمل بعضها عمل بعض بصورة عجيبة..

ما نقوله عن العين نقوله عن القلب، هوذا العضو العجيب الذي يعمل بلا توقف ليلًا ونهارًا، وينبض سبعين مرة في الدقيقة الواحدة، ولا يستريح لحظة واحدة عن العمل المتواصل.. أرني آلة صنعها الإنسان يمكن أن تعمل بلا توقف وبلا راحة كما يعمل القلب، وهو يحمل عبء الجسم كله.. ولا يقتصر عمله على بيولوجيا الجسم بل إنه أيضًا مركز العواطف من حب وكراهية، ومركز الانفعالات السارة والحزينة من فرح إلى حزن وهم إلى خوف وخجل وحماس ويأس.. وما قلناه عن العين والقلب نقوله عن المخ، هذا العضو العجيب حقًا الذي يتقبل إشارات

ويرسل إشارات غيرها، يستقبل ويصدر، ويحكم جميع أجهزة الجسم وعلى رأسها الجهاز العصبي.. ثم هو يتقبل المعارف والخبرات ويرتبها ويصنفها ويحتجزها للانتفاع بها في مستقبل الأيام. فكيف يختزن المعرفة على تنوعها في كافة ميادين العلم وتشعباته وفروعه؟! وكيف يحتفظ باللغات ومفرداتها وقواعدها وأساليبها..؟ وكيف لا تختلط هذه المعلومات ببعضها؟ وكيف يخرجها عند الاقتضاء واضحة متميزة مستقلة عن بعضها؟ وكيف مع ذلك يمكنه أن يقارن بينها ويوازن بينها ويوفق بينها ويعارض بينها وينقدها ويفحصها ويحكم على صدقها أو على زيفها؟ فكيف عند اللزوم يجمع بينها حين يحاضر أو يتحدث أو يكتب كتابًا أو يحرر مقالًا أو بحثًا مستعينًا بها كما يشاء مثله في ذلك مثل الطباخ الذي يجمع ما يلزمه من مواد مختلفة ليصنع من مجموعها معًا، وبمقاييس مضبوطة، طبخة شهية! ما هذه الآلة العجيبة التي تسمى المخ؟ ومنْ من العلماء يمكنه أن يصنع مثلها أو يركِّب نظيرها؟

فإذا قالوا لقد صنع الإنسان العقل الإلكتروني، قلنا أولًا إن العقل الإلكتروني ليس على نظير المخ البشري أنه آلة حاسبة تعمل بشرط أن تقدم لها مادة أو مجموعة مواد.. ثم هذا الحاسب الإلكتروني لم يصنع نفسه، وإنما صنعه صانع وهو الإنسان. وهذا دليل على أنه حتى الحاسب الإلكتروني لا بد أن يكون له صانع عقل، فكم وكم يجب أن يكون للمخ البشري صانع، والمخ البشري معجزة لا يُقاس بإزائها الحاسب الإلكتروني..

زد على ذلك سر الحياة نفسها وسر النمو والتكيف والتغذية وتمثيل الغذاء واحتراقه.. وبالإجمال كل شيء في الإنسان جسمًا ونفسًا وعقلًا وروحًا ينطق بأدلة صارخة على وجود الله.. وإذا قلنا هذا عن الإنسان فنقول مثله بالنسبة للحيوان، خذ مثلًا البيضة المُلَقحة التي يخرج منها بعد قليل كتكوت صغير يتحرك بالحياة وينبض بالوجود. كيف لبيضة بها صفار وبياض يخرج منها كائن حي هو الكتكوت له عينان وأذنان وجناحان ورجلان ومنقار وعضلات وغضاريف وغدد، وله معدة وكبد وأمعاء، وله جهاز عصبي وغيره عضلي وغدّي ودموي وتنفسي وبولي وتناسلي..؟ وكيف له ريش متنوع وملون بحسب صنفه وجنسه ونوعه تبعًا لقوانين الوراثة وقوانين البيئة؟ هل لو اجتمع كل المهندسين في العالم وكل الرسامين وكل الأطباء بتخصصاتهم وكل الكيميائيين وكل الصنَّاع وكل علماء الجمال وكل أصحاب الحرف والمهن والزخرفة.. لو اجتمع هؤلاء جميعًا، هل ينجحون في صنع كتكوت حي واحد كهذا الذي تخرجه الطبيعة في كل يوم بالعشرات والمئات والآلاف والملايين؟!"(14).
---------------
مدارس النقد والتشكيك ج1 حلمى القمص يعقوب
روابط هذه التدوينة قابلة للنسخ واللصق
URL
HTML
BBCode
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق